ومخالفته (فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) وفي حرف ابن مسعود وأبي وحفصة (فأُولَئِكَ هم المؤمنون) فهما واحد.
وقوله: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) قَالَ بَعْضُهُمْ: كل يمين باللَّه فهي جهد اليمين؛ لأنهم من عاداتهم أنهم كانوا لا يحلفون باللَّه إلا في العظيم من الأمر والخطير، فأمَّا الأمر الدون فإنما يحلفون بغيره، فيكون على هذا كل يمين باللَّه فهو جهد اليمين.
ويحتمل أن يكونوا حلفوا بيمين غليظة شديدة على ما يغلظ الناس في أيمانهم ربما، فسمى ذلك جهد اليمين.
أو أن يكون جهد اليمين ما ذكر على أثره، وهو قوله: (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ) قوله: (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ) هو جهد أيمانهم، واللَّه أعلم.
وقوله: (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ) قوله: (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ) يحتمل وجوهًا:
لئن أمرتهم ليخرجن من أرضهم التي تخاصموا إليه فيها؛ أي: ليخرجن ويسلمونها إلى خصمهم.
ويحتمل: لئن أمرتهم (لَيَخْرُجُنَّ) من جميع أملاكهم وما تحويه أيديهم، تعظيمًا لأمرك وإجلالا، فكيف لا يتبعون لقضائك وينقادون لحكمك.
وجائز أن يكون قوله: (لَيَخْرُجُنَّ) من المدينة بعيالاتهم وجميع حواشيهم إلى بلدة أخرى.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ) أي: أمرتهم أن يخرجوا في الجهاد ليخرجن؛ لأنهم كانوا يتخلّفون.
ثم أمر رسوله أن ينهاهم عن القسم الذي أقسموا فقال: (قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) اختلف فيه:
قَالَ بَعْضُهُمْ: لا تقسموا؛ فإن اللَّه لو بلغ منكم الجهد لم تبلغوه، ثم قال: (طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) يقول: أطيعوه وقولوا له المعروف.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا) تم الكلام، ثم قال: (طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ).
وفي هذا الكلام حذف؛ للإيجاز يستدل بظاهره عليه؛ كأن القوم كانوا ينافقون ويحلفون في الظاهر على ما يضمرون خلافه، فقيل لهم: لا تقسموا هي طاعة معروفة