فهي للكافرين كل بريء مما ليس له، ونحوه من الكلام.
ثم قال: (أُولَئِكَ) يعني: عائشة وصفوان.
(مُبَرَّءُونَ) مما يقول أُولَئِكَ القذفة.
(لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي: حسن؛ فابن عَبَّاسٍ صرف الآية إلى عائشة وصفوان وإلى قذفتهم، وذلك محتمل، وهو قريب من الأول.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال، لكن هذا يتوجه إلى النكاح شرعًا ووجودا، أما الشرع: فنهيه المؤمنين عن نكاح المشركات بقوله: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا)، وقوله: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) فالمشركات من الخبيثات فهن للخبيثين منهم، وهم المشركون، وكذلك الزانيات للزناة منهم، والمؤمنات هن الطيبات فهن للمؤمنين، وكذلك المحصنات الغافلات هن الطيبات فهن للمحصنين من أهل العفاف والصلاح؛ هذا هو الشرع.
وأما الوجود: فهو ما صبر أزواج المنافقين والكفرة على كفر أزواجهن، والسب لرسول اللَّه، والأذى له، وذلك لخبثهن وكفرهن، وموافقة أزواجهن، فلو كن طيبات لكُنَّ لا يصبرن على ذلك كما لا تصبر المؤمنة بكفر زوجها، والزوج بكفر امرأته، ومن صبر على ذلك إنما صبر لخبثه، فبعضهم لبعض أكفاء: الخبيثات للخبيثين والخبيئون للخبيثات، وكذلك الطيبات والطيبون، واللَّه أعلم.
وعن عبد اللَّه بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: " إن الكلمة الخبيثة لتكون في جوف الرجل الصالح فلا يكون لها في قلبه مستقر حتى يلفظها، فيسمعها الرجل الخبيث فيضمها إلى ما عنده من الشر، وإن الكلمة الصالحة لتكون في جوف الرجل الخبيث فلا يكون لها في قلبه مستقر حتى يلفظها، فيسمعها الرجل الصالح، فيضمها إلى ما عنده من الخير. ثم تلا عبد اللَّه (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ. . .) الآية.
وجائز أن يكون الخبيئات هي الدركات التي تكون في النار للذين عملوا أعمالا خبيثة