عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ. . .) الآية، أخبر أن، من اتبعه أمره بالفحشاء. والخطوات: من الخُطْوة والخَطْوة وهما من رفع القدم ووضعه، وأصله نَهْي عن اتباع آثاره.
وقوله: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ) التزكية تحتمل التوفيق، والعصمة؛ يزكون بما أعطى لهم من التوفيق والعصمة.
أو يزكون بما أرسل إليهم من الكتب والرسل والعصمة، وهو أشبه.
وفيه نقض قول المعتزلة؛ لأنه أخبر أن من زكا إنما يزكو بفضله ورحمته، وهم يقولون: لو فعل بهم غير الذي فعل كان جائزًا عندهم فعلى قولهم ليس بمفضل ولكن عادل؛ لأنه فعل ما عليه أن يفعل؛ فعلى قولهم لا يكون مفضلا، ولكن عادلا؛ إذ لم يسم في الشاهد من فعل ما عليه أن يفعل: مفضلا؛ وعلى قولهم: إنه قد أعطى كلا ما به يزكون ويصلحون، لكنهم لم يزكوا هم؛ فعلى قولهم لم يزك من زكا به، ولكنه إنما زكا بما أعطاه له، فقد أخبر أن من زكا إنما زكا به، وأنه قد أبقى عنده ما لو أعطاهم ذلك لزكوا، وقد أعطى ذلك من زكا وصلح، ولم يعط من لم يزك.
وقوله: (وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أي: سميع لأقوالهم وعليم لأفعالهم، وأصله ما ذكر: يعلم ما يسرون وما يعلنون.
وقوله: (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَلَا يَأتَلِ) أي: ولا يحلف، وهو (يفتعل) من الإيلاء.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: لَا يَأْتَلِ، أي: لا يعجز، ولا يقصر، يقال: ائتلى يأتلي، وألا يألو ألوًا، وهو التقصير، وترك المبالغة.
ثم يحتمل قوله: (أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ) أي: من له الفضل والسعة.
ويحتمل (أُولُو الْفَضْلِ) من له الأفضال والمعروف وبر أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل اللَّه.
ذكر أهل التأويل أن أبا بكر كان حلف ألا ينفع مسطحا بنافعة وكان قريبه بما تكلم في عائشة؛ فأنزل اللَّه النهي عن ذلك فقال: (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ).
لكن الآية وإن نزلت في أمر ومعنى كان من أبي بكر، فإن غيره من الناس يشترك في معنى ذلك، وفي ذلك النهي، وكذلك ما قال في آية أخرى، وهو قوله: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ