وقوله: (إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا).
قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (إِنَّهَا كَلِمَةٌ): هو قول اللَّه: (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا. . .) الآية، (قَائِلُهَا): يعني الكافر عند معاينة العذاب، وهو قوله: (ارْجِعُونِ. لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ).
ثم قوله: (كَلَّا) على هذا يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه لا حقيقة لسؤاله الذي يسأله من الرجعة ليعمل العمل الصالح، أي: أنه وإن رد ورجع لا يعمل؛ كقوله - تعالى -: (وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ).
والثاني: أن لا منفعة لهم في سؤالهم الرجعة؛ إذ لو رجعوا لا يصلون إلى ما يأملون؛ لأنهم إنما يسألون ليؤمنوا، والإيمان سبيله الاستدلال، فإذا لم يستدلوا به وقت أمنهم وفسحتهم؛ فكيف يقدرون على الاستدلال في وقت خوفهم؟! واللَّه أعلم.
وقوله: (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: وراءهم، أي: أمامهم.
قال أبو معاذ: مشتقة من تواريت عنك، فكل ما توارى عنك أمامك كان أو وراءك فهو وراءك.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَمِنْ وَرَائِهِمْ): على حقيقة الوراء.
(بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، قَالَ بَعْضُهُمْ: البرزخ: هو ما بين شيئين.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: البرزخ: هو الأجل بين الموت والبعث، وهو قول الكلبي وقتادة.
وقال مجاهد: البرزخ: هو حاجز بين الموت والرجوع إلى الدنيا.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ وأبو عبيدة: البرزخ: ما بين الدنيا والآخرة، وقالا: كل شيء بين شيئين فهو برزخ.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: البرزخ: ما بين الحدين، يعني: الدنيا والآخرة، الأرض المستوية، وأصل البرزخ: الحاجز بينه كقوله: (وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا)، أي: حاجزًا، وتأويله، أي: صاروا إلى الوقت الذي يحجزهم عما يتمنون ويشتهون، وهو كقوله: (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ)، وإنما يشتهون ويتمنون الإيمان والأعمال الصالحة.
وجائز أن يكون قوله: (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ)، أي: من ورائهم أحوالهم أي: الحال