وجائز أن يسمى في اللغة الذبح: نسكًا، كقوله: (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) وهو الذبح، وقوله: (إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي)، ولو كان النسك عبادة كذكر الصلاة وهي عبادة لكان لا يذكر النسك، فدل أنه أراد بالنسك الذبح.
وقوله: (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)، دل قوله: (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ) أن ذكر اسم اللَّه من شرط الذبيحة، حيث ذكر اسم اللَّه ولم يذكر الذبح، ففهموا من ذكر اسم اللَّه الذبح؛ دل أنه من شرط جوازه وحله، سوى الشافعي فإنه لم يفهم ما فهم الناس والأمم جميعًا، حيث لم يجعل ذكر اسم اللَّه من شرط الذبيحة.
وقوله: (فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) كأنه ذكر قوله: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا) لقوم أنكروا الذبائح، فقال: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا)، أي: ذبحا ذبحوه، وذكروا اسم معبودهم عليه، ثم أخبر أن معبودهم واحد (فَلَهُ أَسْلِمُوا)، أي: أخلصوا ذلك كله، (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) قال: المتواضعين.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: المطمئنين.
وقَالَ بَعْضُهُمْ الخاشعين.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: كل مجتهد في العبادة هو المخبت.
ويقال: المخلصين.
وتفسير المخبت: ما ذكر على إثره، حيث قال: (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ. . .) الآية.
ومن قال: المخبت: المطمئن، قال: والخبتة: الطمانينة.
قوله: (مَنْسَكًا) و (مَنْسِكًا)، فيه لغتان:
قال الكسائي: من قرأ: (مَنْسِكًا) بكسر السين فهو من نَسَك يَنْسِك، ومن قرأ: (مَنْسَكًا) بالنصب فهو من نَسَكَ يَنْسَكُ، ثم لا خلاف بين أهل العلم في أن البدن التي تساق والهدايا التي تقلد في الحج والعمرة لا يجوز أن تنحر في غير الحرم، إنما اختلفوا في المحصر إذا أراد أن يحل أين ينحر ويذبح هديه الذي يحل به؟ وقد ذكرنا أقاويلهم واختلافهم في سورة البقرة.
ولم يختلف في أن معنى قول اللَّه: (ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) يدخل فيه الحرم كله على ما ذكرنا، وعلى ذلك رويت الأخبار: روي عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال