من قوله: (يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ. . .) إلى آخر ما ذكر ذلك الذي ذكر: (وَمَن يعُطمْ حُرُمَتِ اللَّهِ).
وجائز أن يكون لا على ذلك، ولكن حرف يذكر عند ختم قصة والفراغ منها مبتدأ، لا على ربط شيء، نحو قوله: (هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ. . .)، كذا (وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ. . .)، كذا، قوله: (وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ) (وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ) يصح دون ذكر هذا، لكنه ذكر على ختم كلام الأول وابتداء آخر، فعلى ذلك جائز أن يكون قوله: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ) كذلك.
وقوله: (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) كأنه قال: وَمَنْ يُعَظِّمْ حرمات اللَّه، وخرج للحج، وأنفق المال، وأتعب النفس فما له عند ربه من الثواب، فذلك خير له من حفظ ماله وحفظ نفسه، وإلا لا شك أن من عظم حرمات اللَّه خير له ممن لم يعظمها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ)، وفي حرف ابن مسعود: (وَأُحِلَّتْ لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم) من المحرمات من الميتة والدم، وما ذكر في سورة المائدة، وقد ذكرنا هذا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ) جائز أن يكون قوله: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ) وهم الأوثان.
وجائز أن يكون قوله: (فَاجتَنِبُوا عبادة الأوثان فإنه رجس، وليس فيه أن غير الأوثان ليس برجس، كقوله: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ)، ليس فيه أن يحل قتل الأولاد في غير خشية الإملاق، فعلى ذلك هذا.
وقوله: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) يحتمل كل قول زور.
ويحتمل الزور الذي قالوا في اللَّه من الولد والشريك وما لا يليق به.
(وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ. حُنَفَاءَ لِلَّهِ) تأويله - واللَّه أعلم -: واجتنبوا قول الزور، وكونوا حنفاء لله غير مشركين به.
وقوله: (حُنَفَآءَ (31) قد ذكرناه.
وجائز أن يكون قوله: (غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) تفسير قوله: (حُنَفَاءَ لِلَّهِ) أي: كونوا مخلصين لله في جميع أموركم، غير مشركين به في ذلك، واللَّه أعلم.