وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالَّذِي فَطَرَنَا).
قَالَ بَعْضُهُمْ: لو نؤثرك على الذي خلقنا، لكن غيره كأنه أشبه، وهو أن قوله: (وَالَّذِي فَطَرَنَا) على القسم، أي: بالذي فطرنا، كأنهم أيأسوه عن العود إلى عبادته وخدمته.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ) ليس على الأمر لكن على عناد لك، أي: إنك وإن فعلت بنا ما أوعدت فإنا لا نؤثرك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) أي: إنما تقضي في هذه الحياة الدنيا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73)
يحتمل قوله: (وَاللَّهُ خَيْرٌ) معبود وثوابه أبقى من ثواب غيره.
أو أن يكون هذا جواب قوله: (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى) فيقول: عذاب اللَّه أبقى، واللَّه أعلم.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: جذوع النخل: ساق النخل وأصله.
* * *
قوله تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75).
أصل هذا - واللَّه أعلم -: أن من قبل من اللَّه حياته بالشكر وطيبها بالأعمال الصالحات، طيب اللَّه حياته وعيشه في الآخرة، ومن لم يقبل حياته من اللَّه بالشكر في الدنيا، بل كفر بها وخبثها وقبحها بالأعمال القبيحة الخبيثة الدنية خبث حياته في الآخرة وعيشه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75)
هى ما يرتفع ويعلو، والدركات: ما يتسفل وينحدر في الأرض، والدرجات للمؤمنين في الآخرة؛ لاختيارهم في الدنيا الأعمال الصالحة الرفيعة العالية، فعلى ما اختاروا في الدنيا من الأعمال الرفيعة العلية، فلهم في الآخرة مقابل ذلك الدرجات العلا، وأما الدركات فهي لأهل الكفر مقابل ما اختاروا في الدنيا من الأعمال الدنية الخبيثة أخزاهم،