وقال بعض أهل التأويل: (أَضَاعُوا الصَّلَاةَ)، إضاعتها: تأخيرها عن مواقيتها، لا أن تركوها أصلًا، فهذا في أهل الإسلام إن ثبت، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ)، أي: آثروا الشهوات على العبادات، وجعلوا الشهوات هي المعتمدة دون العبادات.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا):
قَالَ بَعْضُهُمْ: الغي: وادٍ في جهنم، لكن هذا لا يجوز أن يقال إلا بالخبر عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: واد في جهنم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الغي: العذاب.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الغي: الشر.
وجائز أن يكون سمى جزاء أعمالهم التي عملوها في الدنيا بالغواية باسم أعمالهم: غيًا، ويجوز تسمية الجزاء باسم سببه، كقوله: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا)، ونحوه.
ثم استثنى فقال: (إِلَّا مَنْ تَابَ ... (60) عن الشرك (وَآمَنَ) باللَّه (وَعَمِلَ صَالِحًا).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا)، يشبه أن يكون قوله: (وَلَا يُظلَمُونَ شَيْئًا)، أي: لا ينقصون من حسناتهم التي عملوها في حال إيمانهم لمكان ما عملوا من الأعمال في حال كفرهم، بل يبدل سيئاتهم حسنات على ما أخبر تعالى: (فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ)، وقال في آية أخرى: (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ)، أخبر أنهم إذا آمنوا وانتهوا عن الشرك لا يؤاخذهم بما كان منهم في حال كفرهم، واللَّه أعلم.
ثم بيِّن أية جنة، فقال: (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) ثم يحتمل إيمانهم بالغيب، أي: باللَّه آمنوا به بالخبر وإن لم يروه، ويحتمل الغيب: الجنة، أي: صدقوا بها وإن لم يروها والنار والبعث بالغيب.