بذلك أو أذنت لهم حيث قالوا: (وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا)، ونحوه، كلا إنه ما أمرهم بذلك أو أذن لهم في ذلك.
ومن قرأ: (أَفَحَسْبُ) على الجزم فهو على إسقاط ألف الاستفهام، يعني: فحسب الذين كفروا، فهو يخرج على وجوه ثلاثة:
أحدها: فحسب الذين كفروا واتخذوا عبادي من دوني أولياء ما أعتدنا لهم من جهنم، كقوله: (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا. . .) الآية.
والثاني: أحسب الذين كفروا ما اتخذوا من دوني أولياء، أي: أما كفاهم ذلك وما حان لأن يرجعوا إلى عبادتي وألوهيتي، وقد أقمت لهم الآيات والحجج على ذلك.
والثالث: حسب لهم من الذل ما اتخذوا من دوني أولياء.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا).
قَالَ بَعْضُهُمْ: نزلًا هو النزول وهو من النزول.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو المنزل والإنزال، أي: يأكلون فيها النار؛ يكون مأكلهم ومشربهم من النار.
قَالَ الْقُتَبِيُّ: النزل ما يقدم للضيف ولأهل العسكر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).
يشبه أن يكون هذا خرج على مقابلة قول كان من رؤساء الكفرة وجواب لهم، وهو أن الرؤساء منهم كانوا يوسعون الدنيا على بعض أتباعهم ويحسنون إليهم، ثم صار أُولَئِكَ الأتباع أتباعًا لرسول اللَّه ودخلوا في دينه فضاقت عليهم الدنيا، وذهبت المنافع التي كانت لهم منهم، فعيرهم بذلك أُولَئِكَ الكفرة، ووبخوهم على ما اختاروا من الدِّين أنه لو كان حقا لاتسع عليهم في الدنيا كما اتسع علينا وعليهم ما داموا على ديننا، أو كلامًا نحو هذا، فأجابهم اللَّه بذلك، فقال: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا. . .) الآية.
ويحتمل: أن يكون على الابتداء في أهل الصوامع منهم والرهبان الذين اعتزلوا النساء، وحبسوا أنفسهم لعبادة الأصنام والأوثان، وجهدوها فيها، وحملوا على أنفسهم الشدائد والمشقة، فأخبر - عَزَّ وَجَلَّ - أن هَؤُلَاءِ أخسرهم أعمالًا وأضلهم سعيًا من الذين طلبوا الدنيا والرياسة فيها، ولم يفعلوا ما فعل هَؤُلَاءِ وإن كانوا في الكفر سواء.
والأخسر: هو الوصف بالخسران والنهاية والغاية، وجائز أن يستعمل (أفعل) في