فإذا لم يفسده ولكن أحياه بالاختلاط - دل أن في الماء معنى به يحيا النبات لا يعلم ذلك غيره، دل أنه عالم بذاته.
والتدبير هو ما جعل منافع السماء متصلة بمنافع الأرض مع بعد ما بينهما؛ دل أن ذلك كان بواحد عليم مدبر قادر بذاته.
وأن من قدر على ما ذكر من الإحداث والإفناء - قادر على الإعادة والبعث، والله الموفق.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَصْبَحَ هَشِيمًا).
قيل: كسيرًا مكسورًا.
(تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا).
هو مفتعل من (قدرت).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46) كأن هذا ذكر على مقصود الناس: أن من كان قصده في الدنيا: كثرة المال والبنين، فهو زينة الحياة الدنيا، وهو الفاني والذاهب على ما ذكر، ومن كان مقصوده في هذه الدنيا الخيرات والآخرة - فهي الباقيات أبدًا.
ثم اختلف في (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ): قَالَ بَعْضُهُمْ: هو قوله: سُبْحَانَ اللَّهِ، والحمد لله، ولَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ واللَّهُ أَكْبَرُ، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه؛ وعلى ذلك روى في بعض الأخبار عن نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَلا وإنَّ سُبحَانَ اللَّه والحَمدُ لله، ولا إِلَهَ إِلا اللَّه، واللَّه أَكْبَرُ هُن البَاقِيَاتُ الصالِحَاتُ ".
وفي بعض الأخبار أنه قال لأصحابه: " خُذُوا جُنَّتَكُمْ "، قَالُوا مِنْ عَدُوٍّ حَصَرَنَا؟ قَالَ: " خُذُوا جُنَّتَكُم مِنَ النَّارِ؛ فَقُولُوا: سُبحَانَ اللَّه، والحمدُ لله وَلا إِلَهَ إِلا اللَّه، واللَّه أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوةَ إِلا باللَّه؛ فَإِنَهُن الْمُقَدماتُ الْمُؤَخراتُ البَاقِياتُ الصالِحَاتُ ".
وفي بعض الأخبار لأبي الدرداء: " خُذْهُنَّ قَبل أَنْ يُحَال بَينكَ وبينهنَّ؛ فإنهن الباقياتُ