وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ) وقت دخولهم النار أو هو في الآخرة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) يحتمل هذا وجهين:
أحدهما: على إرادة حقيقة السرادق.
والثاني؛ على التمثيل، أي: يحيط بهم النار فلا يقدرون على الخروج منها على ما يمنع السرادق من الخروج في الدنيا ودفع الحر والبرد، فإن كان على حقيقة السرادق فهو - واللَّه أعلم - على ما جعل اللَّه لهم من أنواع ما كانوا يتفاخرون في الدنيا من اللباس والطعام والشراب وغير ذلك يجعل لهم في الآخرة من ذلك النوع من النار، وهو ما ذكر: (سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ)، وما قال: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) والشراب ما ذكر من الصديد والغسلين، وغير ذلك من النوع الذي كانوا يتفاخرون به في الدنيا ويمنعهم عن الإيمان جعل لهم في الآخرة من ذلك النوع من النار وبه يعاقبهم، فعلى ذلك جائز أن يكونوا يتفاخرون به في الدنيا بالسرادق إذا خرجوا في السفر، فيعاقبهم اللَّه في النار بذلك، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ).
يحتمل استغاثتهم هو ما ذكر في الآية (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ)، فيغاثون (بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ)، ويحتمل: أن يطلبوا في النار الماء بعدما طعموا فيها منها فيغاثون بالمهل.
ثم المهل: قال عامتهم: المهل: هو دردي الزيت أو العصير، لكنهم اختلفوا في معنى التشبيه به:
قَالَ بَعْضُهُمْ: يشبهه به لغلظه؛ لأن الشيء الغليظ يكون ألصق وآخذ من غيره.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: شبهه به لسواده.
وقال الحسن وأبو بكر: تشبيهه به؛ لكثرة تلونه من الحمرة والصفرة والسواد ونحوه لشدته، وهو ما ذكر: (يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ)، شبهه كالمهل لتلونه؛ لشدة ذلك اليوم وهوله.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَشْوِي الْوُجُوهَ) ذلك الشراب، (بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا) أي: ساءت النار مرتفقا، اختلف فيه:
قَالَ بَعْضُهُمْ: المرتفق: المتكأ.