أضيف ذلك إليه؛ فعلى ذلك قوله: (أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا) أي: خلينا بينهم وبين ما فعلوا ولم نمنعهم، وهو تأويل جعفر بن حرب.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: أضاف ذلك إلى نفسه للأسباب التي أعطاهم من السعة والغناء والشرف في الدنيا، فتلك الأسباب التي أعطاهم هي التي حملتهم على ذلك؛ فأضيف إليه ذلك لذلك، وهو ما قال: (وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا) وهو تأويل أبي بكر الأصم.

وقال الحسن: (أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ) أي: خذلناهم وطبعنا على قلوبهم، وهو يقول: إن للكفر حدا إذا بلغ ذلك الحد يخذله ويطبع على قلبه؛ فلا يؤمن أبدًا.

فيقال: خذله في أول حال الكفر أو بعد ذلك بأوقات وزمان.

فإن قال: في أول حال كفره فهو قولنا.

وإن قال: لا في أول حاله، ولكن بعد زمان، فهو كافر موفق ومؤمن مخذول على قوله، فنعوذ باللَّه مما قال.

ثم الجواب للأول ما ذكرنا من صرف التنزيل عن وجهه وظاهره، فلو جاز لهم ذلك لجاز، لغيرهم صرف جميع الآيات عن ظاهر التنزيل، وذلك بعيد محال.

وأما تأويل الجبائي، أي: ما وجدناهم كذا، فإنما يسوغ له هذا إذا كان جميع حروف (أفعل) يخرج على ما يقوله في اللغة، فأما أن يقال في بعض، فإن ذلك غير مستقيم.

وبعد فإنه لو كان كما ذكر لكان يقول: (ولا تطع من أغفلته عن ذكرنا)، أي: وجدته غافلا عن ذكرنا؛ لأنه نهى عن أن يطيع من وجده غافلا، فهو لا يعلم من وجده الله غافلا، إنما يعلم من وجده بنفسه غافلا.

فأما إذا كان ما ذكرنا لم يكن للنهي عما ذكر معنى؛ فدل أن تأويله فاسد وخيال، وأن إضافته إليه لمعنى يكون من اللَّه.

وأما جواب جعفر بن حرب أنه على التخلية والتسليط، فهو إنما يقال: سلطت عبدك على كذا على الذم لا على المدح؛ فلا يجوز أن يقال ذلك في اللَّه على الذم ويضاف إليه أيضًا ذلك.

وكذلك يقال لأبي بكر حيث قال: إنما أضاف ذلك إليه للأسباب التي ذكر أنه أعطاهم، يقال له: ذلك يضاف على الذم: إنك أعطيت كذا حتى فعل كذا، فأما أن يقال على المدح فلا؛ فيبطل قوله وتأويله؛ فدل إضافة ذلك إلى نفسه أنه كان منه في ذلك معنى يستقيم إضافته إليه، وهو ما ذكرنا من خلق الظلمة في قلوبهم بكفرهم الذي اختاروا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015