بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: عددهم كان سبعة والثامن الكلب؛ لأنه ذكر في الثالث والخامس (رَجْمًا بِالْغَيْبِ)، أي: قذفًا بالغيب وظنا، وقيل: ترجمة بالغيب، أي: بلا علم ولم يذكر في قوله: (سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ)، وكذلك قال ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقال: " أنا من القليل الذين استثناهم اللَّه، وكانوا سبعة والثامن الكلب "، لعل ابن عَبَّاسٍ قال: " أنا من القليل " ظنا واستدلالا بالذي ذكر، أو كان سماعا سمع من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ذلك.

وقال الحسن وأبو بكر وغيرهما: إن اللَّه تعالى قال: (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ)، ثم استثنى قليلا من عباده، فلا نعلم بأن أُولَئِكَ القليل من الملائكة أو من البشر أو منهم؟ فلا ندري من هم؟ ولا كم عددهم؟ وبه نقول نحن، وهو ما قال: (فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا) نهى رسوله أن يستفتي منهم أحدًا؛ لما يحتمل أن يكون ذلك غير مبين في كتبهم، فلا يطلع رسوله خوف التكذيب.

ثم اختلف في وقتهم: قَالَ بَعْضُهُمْ: كان فيما بين عيسى ومُحَمَّد.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: ذلك كان قبل بعث موسى، وهو قول الحسن وأبي بكر وهَؤُلَاءِ، وهذا أشبه؛ لأنهم إنما سألوا عنهم أهل التوراة وهم اليهود، فلا يحتمل أن يكون بعد عيسى وهم لا يؤمنون بالإنجيل.

وقول أهل التأويل: كان أساميهم وعددهم كذا، ليس لنا إلى معوفة أساميهم وعددهم، حاجة، ولو كانت لتولى اللَّه بيان ذلك في الكتب.

وقَالَ الْقُتَبِيُّ: (رَجْمًا بِالْغَيْبِ) أي: ظنا بالغيب، أي: يقولون بالظن.

وقيل: قذفًا بالغيب على غير استيقان، وهما واحد.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا) إلى قوله: (إِلَّا أَن يَشَآءَ اللَّهُ) يحتمل الخطاب بهذا لكل الناس، ليس أحد أولى به من غيره؛ فيخرج ذلك مخرج التعليم لهم في ترك المراء مع الكفرة إلا مراء ظاهرًا، وكذلك في ترك الاستفتاء، وكذلك علمهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015