وجفائه، واللَّه بكرمه وجوده لا ينجز له ما وعد؟!
لا يكون هذا أَلبتة، وقد قال: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، وغير ذلك مما فيه الإنجاز، وأنه لا يخلف الميعاد.
ثم قد جعلت -بما جاء من الحديث في تلاوتها- أنْ قدمها على التوراة، والإنجيل، وعدلها بثلثي القرآن، وجعلها شفاءً من أَنواع الأَدواء للدِّين، والنفس، والدنيا، وجعلها معاذًا من كل ضلال، وملجأ إلى كل نعمة. وباللَّه نستعين.
مع ما أَوضح -في الأَسماء التي لقب فيها فاتحة القرآنَ- عظيمَ موقعه، وجليلَ قدره، وهو أن سمَّاه فاتحة القرآن بما به يفتح القرآن، وكذلك رُويَ عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه كان يفتتح القراءَة به وسمى فاتحة الكتاب بما به يفتتح كتابة المصاحف والقرآن.
وسمى أُم القرآن لما يؤم غيره في القراءَة.
وقيل: الأُم بمعنى الأَصل، وهو ألا يحتمل شيء مما فيه النسخَ ولا الرفعَ فصار أصلا.
وسمى المثاني؛ لما يثنى في الركعات، ولا قوة إلا باللَّه.
وفي قوله: (اهدِنَا) إلى آخره وجهان سوى ما ذكرنا؛ إذ قوله: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) دعاء كاف عما تضمن إلى آخر السورة؛ إذ ليس فيها غير تفسير هذه الجملة.
أحدهما: تذكير نعم اللَّه على الذين يقبلون دينه في قلوبهم، والتوفيق لهم بذلك، وأفضاله عليهم بما ليس لهم عليه.
والثاني: تعوذهم عن كل زيغ ومقت، وضلال، وذنب، والتجاؤهم إليه في ذلك بقوله: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ).
* * *