قَالَ بَعْضُهُمْ: نزلت في أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وذلك أن نفرًا منهم قد مثلوا يوم أحد مثلة سيئة: من قطع الآذان، وتجديع الأنوف، وبقر البطون، ونحوه؛ فقال أصحابهم: لئن أدالنا اللَّه منهم لنفعلن ولنفعلن كذا وكذا. فأرادوا أن يجازوا بذلك؛ فأنزل اللَّه: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ. . .) الآية.

وفيه البشارة لهم بالنصر والظفر على أعدائهم؛ لأنه لو لم يكنْ لهم الظفر فكيف يقدرون على معاقبة مثل ما عاقبوا؛ دل أنه على البشارة لهم بالنصر والظفر بهم. وفيه دلالة جواز أخذ من لم يتول القتل والأخذ والضرب؛ لما لعلهم لا يظفرون بأُولَئِكَ الذين تولوا ذلك، لكن لا يؤاخذ إخوانهم بهم؛ لما بمعونة بعضهم بعضا فيها، ويكون فيه دليل أخذ قطاع الطريق بالقتل والقطع، وإن كان الذي تولى ذلك بعضٌ منهم؛ لما أن من تولى ذلك إتما تولى بمعونة من لم يتول.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: إنما نزلت الآية في ابتداء الأمر الذي كان القتل مع الكفرة قتل مجازاة؛ مثل قوله: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً)، وكقوله: (فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ)، ومثله؛ فإذا كان على المجازاة أمر ألا يتجاوزوا عقوبتهم، ولكن بمثله، وأمَّا إذا كان القتال معهم لا قتال مجازاة فإنهم يقتلون جميعًا إذا أبوا الإسلام؛ بقوله: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ. . .) الآية، وقوله - عليه السلام -: " أُمِرتُ أَنْ أُقَاتِلَ الناسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلا اللَّه "، وقوله - تعالى - (تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ).

وقَالَ بَعْضُهُمْ: لا، ولكن قد نزلت في أهل الإسلام، وحكمه في القصاص والقطع فيما دون النفس والجراحات: أمر ألا يتجاوزوا حقوقهم؛ كقوله: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا)، وقوله: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ. . .) الآية، وقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015