بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الشيخ الإمام أبو منصور الماتريدي، رضي اللَّه تعالى عنه:
هو ما قيل: التفسير للصحابة، رضي اللَّه عنهم، والتأويل للفقهاء، ومعنى ذلك: أن الصحابة شهدوا المشاهد، وعلموا الأمر الذي نزل فيه القرآن.
فتفسير الآية أهم لما عاينوا وشهدوا، إذ هو حقيقة المراد، وهو كالمشاهدة، لا تسمح إلا لمن علم، ومنه قيل: من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار؛ لأنه فيما يفسر يشهد على اللَّه به.
وأما التأويل: فهو بيان منتهى الأمر، مأخوذ من: آل يؤول، أي يرجع، ومعناه - كما قال أبو زيد: لو كان هذا كلام غيره يوجه إلي كذا وكذا من الوجوه، فهو توجيه الكلام إلى ما يتوجه إليه، ولا يقع التشديد في هذا مثل ما يقع في التفسير، إذ ليس فيه الشهادة على اللَّه؛ لأنه لا يخبر عن المراد، ولا يقول: أراد اللَّه به كذا، أو عنى، ولكن يقول: يتوجه هذا إلى كذا وكذا من الوجوه، هذا مما تكلم به البشر. واللَّه أعلم ما صحته من الحكمة.
ومثاله: أن أهل التفسير اختلفوا في قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ):
قَالَ بَعْضُهُمْ: إن اللَّه تعالى حمد نفسه.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أمر أن يُحمد.
فمن قال: عنى هذا، دون هذا، فهو المفسر له.
وأما التأويل - فهو أن يقول: يتوجه الحمد إلى الثناء والمدح له، وإلى الأمر بالشكر لله عَزَّ وَجَلَّ، واللَّه أعلم بما أراد.
فالتفسير -ذو وجه واحد، والتأويل- ذو وجوه.
* * *