(59)

(60)

قَالَ بَعْضُهُمْ: قول العرب: قبح اللَّه وجهك، وسوّد اللَّه وجهك ليس على إرادة السواد والقبح، ولكن على إرادة ما يكرهه.

وقال الحسن: قوله: (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا أي: متغيرًا من الغم وهو كظيم: أي: حزين، وهكذا العرف في الناس أنه إذا اشتد بهم الحزن والغم، يظهر ذلك في وجوههم قبحًا وسوادًا.

(يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)

يذكر فيه كيف يصنع به: أيمسكه على هون أي: على هوان يضر به ويسيء صحبته أم يدسه في التراب وهو حي؛ فيقول: إن ربي اختار البنات فأبعث بها إلى ربي، فإنه أحق بها، وهي الموءودة التي قال اللَّه: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ)، وإنَّمَا كانوا يصنعون ذلك خشية إملاق؛ كقوله: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) في جعلهم لله ما كرهوا لأنفسهم، أو في قولهم: (وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا)، أو في قولهم: (هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا)، ونحوه، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)

قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (مَثَلُ السَّوْءِ) أي: لهم جزاء السَّوْءِ؛ وهو النار.

وقال الحسن: مثل السوء: أي: صفة السوء التي وصفوا بها ربهم أنه اختار البنات.

(وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى).

أي: الصفة الأعلى التي ليس لها شبه؛ فإن تلك الصفة من صفته، ويشبه أن يكون قوله: (مَثَلُ السَّوْءِ) بما سماهم مرة موتى، ومرة فسقة، ومرة ظلمة، ومرة هم في الظلمات، وأمثاله، لهم ذلك الوصف بما أنكروا الآخرة، وذلك مما توجبه الحكمة والعقل والشريعة، فلهم ذلك الوصف والمثل السوء؛ بما أنكروا ما توجبه الحكمة والعقل والشريعة.

ويحتمل (مَثَلُ السَّوْءِ): شبه السوء.

ويحتمل (مَثَلُ السَّوْءِ): النعت والصفة، فإن كان هو على الشبه فهو في الدنيا؛ لما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015