(52)

(53)

الحقيقة عباد إلهين؛ لأنهم إنما كانوا يعبدون تلك الأصنام بأمر الشيطان وطاعتهم إياه، فنسب العبادة إليه؛ لما بأمره يعبدون هذه الأصنام واللَّه أعلم؛ ألا ترى أن إبراهيم قال لأبيه: (يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ)، وإن كان في الظاهر لا يعبد الشيطان، لكن لما بأمره يعبد الأصنام أضاف العبادة إليه، أو أن يكون المراد من ذكر اثنين: إنما هو على الزيادة على الواحد، كأنه قال: لا تتخذوا ولا تعبدوا أكثر من إله واحد.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ).

لا تخافون الأصنام التي تعبدونها؛ فإنكم إن تركتم عبادتها لا تضركم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52)

أي: وله يخضع ما في السماوات والأرض وأنتم لا تخضعون، أو ما في السماوات والأرض كلهم عبيده وإماؤه؛ فكيف أشركتم عبيده في ألوهية اللَّه تعالى وربوبيته؟

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا).

قَالَ بَعْضُهُمْ: دائمًا؛ لأن غيره من الأديان كلها يبطل ويضمحل، ويبقى دينه في الدارين جميعًا.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا) أي: مخلضا، من الوصب والنصب، والتعب، وتأويله - واللَّه أعلم -: أي: وله دين لا يوصل إليه إلا بتعب وجهد؛ فاجتهدوا واتعبوا؛ لتخلصوا له الدِّين؛ هذا معنى قوله: (مخلصا).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ).

أي: مخالفة غير اللَّه تتقون؛ أي: لا تخافوا ولكن اتقوا مخالفة اللَّه لا تتقوا مخالفة، غيره.

أو يقول: لا تخافوا غير اللَّه ولا تتقوا سواه، ولكن اتقوا اللَّه واتقوا نقمته.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53)

أي: تتضرعون؛ يخبر عن سفههم وقلة عقلهم أنهم يعلمون أن له ما في السماوات والأرض، وأن كل ذلك ملكه، وأن ما لهم من النعمة منه، وأن ما يحل بهم من البلاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015