(46)

قوله: (أَفَأَمِنَ).

قد ذكرنا أنه حرف استفهام؛ إلا أنه من اللَّه غير محتمل ذلك، وهو على الإيجاب.

ثم هو يخرج على وجهين:

أحدهما: على الخبر أنهم قد أمنوا مكره.

والثاني: على النهي؛ أي: لا تأمنوا؛ كقوله: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ).

هذا يشبه أن يكون على هذا الذي ذكرنا أنه إخبار عن أمنهم مكر اللَّه، وعلى النهي ألا يأمنوا، ثم أخبر أنه لا يأمن مكر اللَّه إلا القوم الخاسرون الكافرون؛ لأنهم كذبوا الرسل فيما أوعدوا لهم من العذاب، فأمنوا لذلك، أو لما لم يعرفوا اللَّه، ولم يعرفوا حقوقه، ونعمته، ونقمته، فأمنوا لذلك وأمَّا من عرف اللَّه؛ وعرف حقه، ونعمته، وعرف نقمته؛ فإنه لا يأمن مكره، واللَّه أعلم.

ثم قوله: (مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: مكرهم السيئات: هو ما مكروا برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه ما لو أصابهم ذلك لساءهم، وما ظاهروا عليهم عدوهم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: مكرهم السيئات: هو أعمالهم التي عملوها، وكل ذلك قد كان منهم، كانوا مكروا برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه، وكانوا ظاهروا عليهم عدوهم، وقد عملوا أعمالهم الخبيثة السيئة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ).

أي: أمنوا حين مكروا السيئات أن يخسف اللَّه بهم الأرض، أو يأخذهم العذاب من حيث لا يشعرون في الحال التي لا يكون لهم أمن ولا خوف.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ (46)

قيل: في أسفارهم وفي تجاراتهم؛ لأن الناس إنما يسافرون ويتجرون في البلدان في حال أمنهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015