بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25)
هذا يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه يحتمل: أنهم يحملون أوزارهم كاملة؛ يعني الذين قالوا للرسل: أساطير الأولين، ومن أوزار الذين يقلدون رسلهم، ووفدهم الذين بعثوا عن السؤال عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ فحملوا أوزار أنفسهم؛ وأوزار الرسل وأوزار الذين يقلدون الرسل ويقتدون بهم بغير علم؛ لأنهم لم يعلموا أن أُولَئِكَ يقتدون بالرسل فيضلون، وهم وإن لم يعلموا فذلك عليهم؛ لأنهم هم الذين سنوا ذلك؛ وهو كما روي: " من سَنَّ سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " ويحتمل: ليحملوا أوزارهم ومن أوزار الذين طمعوا الإسلام؛ إذا أسلموا سقط تلك الأوزار عنهم. وقوله: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ): هم لم يفعلوا ما فعلوا ليحملوا أوزارهم، ولكن معناه - واللَّه أعلم - أي: ليصيروا حاملين لأوزارهم والذين أضلّوهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بِغَيْرِ عِلْمٍ) يحتمل (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي: بسفه.
(أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) أي: ساء ما يحملون.
وقوله: (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي: لم يعلموا أن تصير أوزارهم عليهم، أو لم يعلموا ما يلحق بهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (26)
لم يزل كانت عادة الكفرة بالمكر برسل اللَّه؛ والكيد لهم، وكذلك مكر كفار مكة برسول اللَّه، يذكر هذا - واللَّه أعلم - لرسول اللَّه ليصبره على أذاهم إياه؛ كما صبر أُولَئِكَ على مكر قومهم وترك مكافأتهم إياهم؛ كقوله: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ). ثم مكرهم الذي ذكر كان يخرج على وجهين:
أحدهما: فيما جاءت به الرسل؛ كانوا يتكلفون تلبيس ما جاءت به الرسل على قومهم.
والثاني: يرجع مكرهم إلى أنفس الرسل؛ من الهم بقتلهم وإخراجهم من بين