(88)

مرددة.

ومن قال: المثاني السبع الطوال - فقال: لأنه يثنى فيها حدود القرآن، وفرائضه، وعامة أحكامه. واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ).

سماه عظيمًا، وسماه مجيدًا، وحكيمًا؛ وهو اسم الفاعلين، ولا عمل له ولا فعل في الحقيقة؛ لكنه يخرج - واللَّه أعلم - على وجوه:

يحتمل: سمَّاه عظيمًا مجيدًا؛ لما عظمه وشرفه ومجده، فهو عظيم مجيد حكيم: أي: محكم، الفعيل بمعنى المفعول، وذلك جائز في اللغة.

أو سماه بذلك لأن من تمسك به؛ وعمل به؛ يصير عظيمًا مجيدًا، حكيمًا، أو سماه عظيمًا مجيدًا حكيمًا: أي: جاء من عند عظيم هو مجيد حكيم، وأصل الحكيم: هو المصيب، الواضع كل شيء موضعه. واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88)

يحتمل المراد بقوله: (عَينَيكَ) نفس العين.

ثم هو يحتمل وجهين:

أحدهما: نهى رسوله أن ينظر إلى مامتع أُولَئِكَ مثل نظرهم؛ لأنهم ظنوا أنهم إنما متعوا هذه الأموال في الدنيا لخطرهم وقدرهم عند اللَّه، وعلى ذلك قالوا: (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا) وقال: (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي. . .) الآية، ونحوه، ظنوا أنهم إنما متعوا في هذه الدنيا؛ لخطرهم وقدرهم عند اللَّه؛ لذلك قالوا ما قالوا؛ فنهاه أن ينظر إلى ذلك بعين الذين نظروا هم إليه؛ ولكن بالاعتبار.

والثاني: نهاه أن ينظر إلى ذلك نظر الاستكبار والتجبر على المؤمنين، والاستهزاء بهم على ما نظروا هم؛ لأنهم بما متعوا من أنواع المال استكبروا على الناس، واستهزءوا بهم؛ إذ البصر قد يقع أعلى ما ذكر، من غير تكلف؛ فيصير كأنه نهاه عن الرغبة والاختيار فيما متعوا فيه؛ لأن ما متعوا به هو ما ذكر، (وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا)، وقال في آية أخرى (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ).

وقوله: (لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) فيما متعوا فإنهم إنما متعوا لما ذكر، ويحتمل النهي عن مدّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015