والسكر: السد، والسكور جمع، والسكر: مصدر سكر يسكر سكرًا؛ فهو سكران، وقوم سكرى وسكارى، والسكرة: الغمرة، والغمرة: الشدة، وقال - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ)، أي: شدته.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: سكرت: غشيت، ومنه يقال: سكر النهر: إذا سدّ، فالسكر اسم ما سكرت، وسكر الشراب منه؛ إنما هو الغطاء على العقل والعين.
وقال الحسن: سكرت - بالتخفيف -: سحرت. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (بُرُوجًا): قال: اثنا عشر برجًا، وأصل البرج الحصن والقصر وقوله: (وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ) يقول: حفظناها من أن يصل إليها شيطان أو يعلم من أمرها شيئًا إلا استراقًا، ثم يتبعه شهاب مبين: أي: كوكب مضيء.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ (18)
يقال: استرقت السمع: أي: تغفلت قومًا حتى سمعت حديثهم؛ وهم لا يعلمون، وهكذا لو علم الملائكة أن الشياطين يسترقون السمع، ويختطفون - لمنعوا من ذلك، وامتنعوا عن التكلم به؛ حتى لا يستمعون كلامهم، وحديثهم. و (شِهَابًا): كوكب، وقيل: الشهاب: خشبة في طرفها نار، والشهبان جماعة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (شِهَابٌ مُبِينٌ) لرسول اللَّه كان له خاصةً لم يكن قبل واللَّه أعلم.
وقوله: (وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ... (20) أي: في الأرض والجبال.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ).
قال الحسن: أي: جعلنا لكم في الأرض معايش ما تتعيشون به، ولمن حولكم أيضًا، جعل فيها معايش، لا ترزقونه أنتم؛ إنما ذلك على اللَّه، هو يرزقهم وإياكم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ): الوحوش والطير، وأما الأنعام: فإنه قد أشركهم البشر في المعايش، وكان غير هذا أقرب وأوفق: وهو أن أهل مكة كانوا يمنون على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، ويقولون: نحن ربيناه، وغذيناه، وأنفقنا عليه، ورزقناه؛ ثم فعل بنا كذا، فخرج هذا جوابًا لهم: (وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ) أي: محمدًا.