لنا إذا أتوك؛ فننظر إليهم ملائكة هم - على ما تزعم - أم شياطين؟
وقَالَ بَعْضُهُمْ: لو ما تأتينا بالملائكة فيشهدون أنك رسول اللَّه، وأنك أرسلت على ما تدعي من الرسالة؛ فقال: (مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ ... (8) إلا بالموت، (وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: أنْ ليس في وسع البشر رؤية الملائكة على صورتهم؛ فقال: (مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ): إلا بالموت، لو رأوا لماتوا؛ لما لم يجعل في وسعهم رؤية الملائكة، وهو كقوله: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ. . .) الآية، أخبر أنه لو أنزل عليهم الملك - لماتوا؛ إذ ليس في وسعهم رؤية أن ملائكة على صورتهم، ثم أخبر أيضًا أنه لو جعله ملكًا لجعله رجلا، ويكون في ذلك لبس على أُولَئِكَ.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ): أي: إلا بالحجج والآيات والبراهين على الرسل، وعلى من هو أهل لذلك، ليس على كل أحد.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (إِلَّا بِالْحَقِّ): أي: إلا بالعذاب الذي يكون فيه هلاكهم، وهكذا إن الملائكة لا تنزل إلا بالعذاب الذي فيه هلاكهم أو بالحجج والبراهين. واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ... (9) يعني القرآن وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
حتى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وفيما وكل الحفظ إلى نفسه؛ لم يقدر أحد من الطاعنين مع كثرتهم منذ نزل موضع الطعن فيه، وذلك يدل أنه سماوي، وأنه محفوظ.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ): أي: محمدًا عليه أفضل الصلوات: أي: نحفظه بالذكر الذي أنزل عليه؛ كقوله: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)، وكقوله: (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي. . .) الآية. أخبر أنه إنما يهتدي بما يوحي إليه ربُّه، فعلى ذلك يحفظه بالقرآن الذي أنزل عليه.
ويحتمل أن يكون الذكر: النبوة؛ أي: إنا نحن نزلنا النبوة، وإنا له: أي: