(لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ (51)
لما ذكرنا؛ يبرزون لله؛ ليجزيهم من خير وشر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: كان قد جاء حسابه.
والثاني: ذكر هذا؛ لأن الحساب إنما يبطئ لما لا يتذكر من له الحساب لمن يحاسبه في الشاهد - فيما يحاسبه، فيطول الحساب أو الاشتغال بشيء يشغله عنه، أو لجهل بالحساب. فأما اللَّه سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء، ولا يشغله شيء عن شيء، كله محفوظ عنده؛ فهو سريع الحساب. واللَّه أعلم.
أو نقول: إنما يطول الحساب في الشاهد؛ ويمتد لما يحتاج إلى التفكر أوالنظر، والتذكر في ذلك، فاللَّه سبحانه متعال عن التفكر والنظر، بل كل شيء محفوظ عنده. واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)
يحتمل قوله: (هَذَا بَلَاغٌ): القرآن؛ هو بلاغ للناس، على ما ذكر في صدر السورة: قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ. . .) الآية، هو بلاغ على ما ذكر. واللَّه أعلم.
(وَلِيُنْذَرُوا بِهِ): أي: بالقرآن أيضًا على ما ذكر: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا)، ويحتمل قوله: (هَذَا بَلَاغٌ) ما ذكر من المواعيد؛ وهو قوله: (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ) إلى آخر ما ذكر؛ أي: هذا الذي ذكر بلاغ يبلغهم لا محالة، ولينذروا بما ذكر.
(وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ).
لا شريك له؛ بالآيات التي أقامها على وحدانية اللَّه وألوهيته.
(وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) أي: ذوو العقول، واللَّه أعلم.
* * *