وأما ما قال أهل التأويل في قوله: (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ). إنه نزل في شأن نمرود، وإنه اتخذ تابوتًا، وربط ثورًا على قوائمه، وما ذكروا إلى آخره - فلا علم لنا إلى ذلك، وأظنه أنه كله خيال، فلا نقول إلا القدر الذي ذكر في الآية.
و" لَتزولُ " بنصب اللام الأولى، وبرفع الآخرة: على معنى التوكيد، و (لِتَزُولَ) بكسر اللام الأولى، ونصب الآخرة: على الجحد؛ أي: ما كانت الجبال لتزول من مكرهم، وهو ما ذكرنا. واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ... (48)
قال الحسن: تفنى هذه الأرض، ثم تعاد من ساعته مستوية، لا شجر فيها، ولا جبال، ولا آكام، قَاعًا صَفْصَفًا لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: تبدل هذه الأرض أرضًا غير هذه؛ بيضاء نقية، لم يسفك عليها دم، ولم يعمل عليها بالمعاصي، وكذلك السماوات.
ومنهم من يقول: لا تبدل عينها؛ ولكن يتغير صفتها وزينتها؛ كما يقول الرجل لآخر: تبدلت يا فلان، لا يريد تبدل أصله وعينه؛ ولكن تغير الأخلاق والدِّين، فعلى ذلك ما ذكر من تبديل الأرض والسماوات.
والأشبه أن يكون على اختلاف الأحوال؛ لأنه ذكر في آية: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) وقال: (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ)، وقال: (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ) (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ)، (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ)، (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ)، و (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ)، وقال: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ)، وقال: (فَجَعَلْنَاهُ