(21)

وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا ... (21)

قال مقاتل: خرجوا إلى اللَّه من قبورهم جميعًا، وقال: (جَمِيعًا) لأنه لا يغادر أحد إلا بعث.

ويحتمل وجوهًا أخر سوى ذلك: وهو أن قوله: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ): أي: لأمر اللَّه؛ أو لوعده الذي وعد أنهم يبعثون. أو يريد الحكم، اللَّه يحكم في بعثهم.

(وَبَرَزُوا): أي: ظهروا به ووجدوا؛ فيكونون به موجودين ظاهرين بعد أن كانوا فائتين ذاهبين غائبين؛ أي: عندهم في الدنيا أنهم كانوا فائتين غائبين عن اللَّه؛ فيومئذ يعلمون أنه كان لا يخفى عليه شيء من أفعالهم وأحوالهم؛ وهو ما ذكرنا في قوله: (لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ)، وقوله (حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ)، وأمثاله، أي: يعلمهم مجاهدين صابرين كما علمهم غير مجاهدين وغير صابرين؛ وكقوله: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَ) يعلمهم شهودًا كما علمهم غيبًا.

فعلى ذلك قوله: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا) أي: يكونون له موجودين ظاهرين واللَّه أعلم.

وإضافة البروز إليه في الآخرة وإن كان بروزهم له في الدارين جميعًا، وكذلك المصير، إليه والمرجع إليه والمآب ونحوه؛ فهو - واللَّه أعلم - لما لا ينازع أحد في البروز في ذلك اليوم؛ وقد ينازعونه في الدنيا.

أو خُصّ ذلك البروز بالإضافة إليه؛ لما هو المقصود من إنشائه إياهم وخلقهم؛ ليس المقصود في خلقهم وإنشائهم الأول؛ ولكن الآخر؛ فخص ذلك بالإضافة إليه. واللَّه أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015