أُولَئِكَ؛ والإخراج من سلطان أُولَئِكَ الكفرة وأيديهم، وإدخالها في أيدي المسلمين؛ فذلك النقصان. وهو، واللَّه أعلم لما وعد لرسوله أن يريه يعض ما وعد لهم؛ فقال الكفرة عند ذلك: أين ما وعد أن يريك؟ فقال عند ذلك: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا) أي: ألم يروا أنه جعل بعض ما كان لهم من الأرضين للمسلمين؛ فإذا قدر على جعل البعض - الذي كان لهم لهَؤُلَاءِ؛ لقادر أن يجعل الكل لهم؛ فهلا يعتبرون.
هذا واللَّه أعلم ما أراد بما ذكر من النقصان.
وقال قائلون: نقصان الأرض: موت فقهائها وعلمائها وفنائها.
ووجه هذا: وهو أن الفقهاء والعلماء - هم عمَّار الأرض وأهلها؛ وبهم صلاح الأرض؛ فوصف الأرض بالنقصان بذهاب أهلها، وهو كما وصف الأرض بالفساد؛ وهو قوله: (لَفَسَدَتِ الأَرْضُ)، وقوله: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) فالأرض لا تفسد بنفسها؛ ولكن وصفت بالفساد؛ لفساد أهلها، فعلى ذلك لا تنقص هي بنفسها؛ ولكن وصفت بالنقصان؛ لذهاب أهلها، وعمارها وفقهائها وعلمائها.
ثم يحتمل ذهاب العلماء المتقدمين، الذين تقدموا رسول اللَّه في الأمم السالفة؛ وهم علماء أهل الكتاب؛ فيقول ألا يعتبرون بأُولَئِكَ الذين قبضوا وتفانوا من علمائهم؟ فلا بدّ من رسول يعلمهم الآداب والعلوم؛ ويجدد لهم ما دَرَس من الرسوم وذهب، من الآثار؛ فكيف أنكروا رسالته؟ وفي بعث الرسول حدوث العلماء؛ وذلك وقت حدوث العلماء وزمانه؛ فإن كان أراد العلماء المتأخرين وففهاءهم - فيخرج ذلك مخرج التعزية له؛ أي: تصير الأرض بحال توصف بالنقصان، بذهاب العلماء والفقهاء. واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ).
قيل: لا رادَّ لحكمه، وحكمه: يحتمل: العذاب الذي حكم على الكفرة؛ يقول: لا رادَّ للعذاب الذي حكم عليهم؛ أوهو كقوله: (رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ)، أي: