(قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ)، أم تنبئونه بما ليس في الأرض شيء مما تقولون وتصفون شيء؛ أي: يقول: أتنبئون اللَّه بما لا يعلم في السماوات والأرض، وهو عالم بكل شيء؟ أي: تقرون بأنه عالم بكل شيء؛ وهو لا يعلم ما تقولون وتسمونه من الشركاء وغيره.
والثاني: أم تنبئونه بما لا يعلم؛ أي: ليس في الأرض.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ).
قال أهل التأويل: (أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ) أي: بل بباطل من القول وزور.
ويشبه أن يكون بظاهر من القول؛ أي: بضعيف من القول وخفيف، يسمون الشيء الذي لا حقيقة له ولا ثبات ظاهرًا باديًا؛ كقوله: (إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ) أي: ضعيف الرأي: وخفيفه؛ لا حقيقة له ولا قرار.
ويحتمل قوله: (أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ) في الخلق والأسلاف؛ أي: لم يظهر ما يقولون؛ ويصفون؛ إشراك هذه الأصنام؛ وتسميتها آلهة ومعبودًا؛ فيكون (أم) في موضع حقيقة ويقين؛ على هذا التأويل واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ).
قال بعض أهل التأويل: (مَكْرُهُمْ): قولهم الذي قالوه من الكذب والزور؛ أنها آلهة وأنها شركاء الله
لكن يشبه أن يكون قوله: (مَكْرُهُمْ) أي: مكرهم برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حيث احتالوا حيلا؛ ليقتلوه لئلا يظهر هذا الدِّين في الأرض، ويطفئون هذا النور؛ ليدوم عزهم وشرفهم في هذه الدنيا؛ وهو كقوله: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا)، والمكر: هو الاحتيال؛ والأخذ من حيث الأمن. واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ).
صدوا؛ لما علموا من مكرهم واختيارهم ما اختاروا والسبيل، المطلق هو سبيل اللَّه؛ وإلا كان جميع الأديان والمذاهب يسمى سبيلا؛ كقوله: (وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ)