وألوهيته، يخبر عن شدة تعنتهم وتمردهم في تكذيبهم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ ليعلم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أن سؤالهم الآية سؤال تعنت وتمرد؛ ليس سؤال استرشاد واستهداء.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ).
أي: لو أن قرآنا ما عمل ما ذكر لكان هذا القرآن؛ تعظيمًا لهذا القرآن.
والتأويل الذي ذكرنا قبل هذا كأنه أقرب. واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا).
قَالَ بَعْضُهُمْ: هو صلة ما تقدم؛ من قوله: (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ) (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ. . .) الآية، يقول - واللَّه أعلم -: أفلم ييئس الذين آمنوا عن إيمان من كان على ما وصف اللَّه، وتمام هذا كأن المؤمنين سألوا لهم الآيات، ليؤمنوا؛ لما سألوا هم آيات من رسول اللَّه؛ فيقول: (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) عن إيمان هَؤُلَاءِ؛ وهو كما قال: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا)، كأن المؤمنين سألوا لهم الآيات ليؤمنوا؛ فقال: (وَمَا يُشْعِرُكُمْ) يَا أَيُّهَا المؤمنون (أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ) أي: يؤمنون على طرح (لا) على هذا التأويل.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا): أفلم يتبين للذين آمنوا أنهم لا يؤمنون؛ لكثرة ما رأوا منهم من العناد والمكابرة.
فسروا الإياس بالعلم والأيس؛ لأن الإياس إذا غلب يعمل عمل العلم؛ كالخوف والظن ونحوه جعلوه يقينًا، وعلمًا للغلبة؛ لأنه إذا غلب يعمل عمل اليقين والعلم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ): أي: أفلم يعلم الذين آمنوا أن اللَّه يفعل ذلك، لو شاء لهدى الناس جميعًا.