اتخذتم من دونه هذه الأصنام آلهة أربابًا وعبدتموها أو كيف جعلتم من ليس هو رب السماوات والأرض - أولى ممن أقررتم بالعبادة له أنه ربهما؟ واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا) إذ لا يملكون نفعًا لأنفسهم، ولا دفع الضر عنها؛ فكيف يملكون نفع غيره أو دفع ضر عن غيره؟ فعرفهم أنهم لا يملكون ذلك؛ وأن اللَّه هو المالك؛ فكيف تركتم عبادة من يملك ذلك؛ وعبدتم من لا يملك؟.
فيخرج تأويله على وجهين:
أحدهما: يقول: لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرا، فكيف اتخذتم دون اللَّه آلهة؟.
والثاني: لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا مع وجود الحاجة فيها؛ فكيف تعبدون على رجاء النفع لكم بقولكم: (هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ).
وقوله: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ).
أي: تعلمون أن الأصنام التي تعبدونها أنها عمي لا تبصر شيئًا؛ واللَّه هو البصير؛ فكيف تركتم عبادة من يبصر؛ وعبدتم من لا يبصر؟ هل يستوي ذلك؟ أي: لا يستوي.
أو يقول لهم: إنكم بعبادتكم الأصنام طمعتم شفاعتهم عند اللَّه؛ وهم عمي وأنتم بصراء؛ فهل رأيتم أعمى يقود بصيرا في الشاهد؟ أو هل رأيتم من لا يبصر يكون دليلا لبصير؟ فإذا لم تروا ذلك؛ فكيف طمعتم من الأصنام ذلك.
وقال أهل التأويل: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ): الأعمى: الكافر، والبصير: المؤمن.
(أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ).
الظلمات: الكفر، والنور: الإيمان. ووجه قولهم؛ حيث شبهوا الكفر بالظلمة، والإيمان بالنور؛ لأن الظلمة تحجب وتستركل شيء، والنور يرفع ذلك الحجاب وذلك الستر؛ فالإيمان له دلائل وحجج؛ ترفع تلك الحجب والستر؛ فينور له كل شيء. والكفر ليى له حجج ودلائل ترفع ذلك؛ فهو ظلمة لم يضئ له شيئًا، والإيمان نور؛ حيث أضاء له، ونور كل شيء له بالدلائل والحجج التي ذكرنا. فصار الكافر كالأعمى لا يبصر شيئًا؛