اللَّه، وأصل الزوج: هو من له المقابل من الأشكال والأضداد؛ أخبر أنه جعل الخلق كله ذا أشكال وأضداد؛ من نحو الليل والنهار؛ والذكر والأنثى؛ فهو في حق المنافع كشيء واحد في حق أنفسهم؛ كالأشياء.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ).
أي: يذهب ظلمة الليل بضوء النهار؛ وضوء النهار بظلمة الليل، أو يلبس أحدهما الآخر، أو يغطي الليل ما هو بالنهار بادٍ ظاهر للخلق، وبالنهار ما هو مستور خفي على الخلق واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
فيما ذُكِر؛ دلالة البعث والإحياء، ودلالة التدبير والعلم والحكمة، ودلالة الوحدانية.
(لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) في آياته وحججه لا لقوم يعاندون آياته ويكابرونها.
وقوله: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
ذكر أن الآيات تكون آيات لهم؛ بالتفكر والنظر فيها؛ واللَّه أعلم؛ لا أن تصير آيات مجانًا بالبديهة.
أو يقول: إن منفعة الآيات تكون لمن تفكر فيها؛ لا لمن ترك التفكر والنظر. والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)
دل قوله: (قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ) أن التجاور إنما يذكر ويثبت إذا كانت الأرض قطعًا، وأما إذا كانت الأرض، أرضًا واحدة؛ فإنه لا يقال فيها التجاور؛ فهذا يبطل قول من يقول: إن التجاور إنما يذكر فيما فيه الشركة؛ فتجب الشفعة فيما فيه الشركة؛ وأما في غيره فلا تجب وأمَّا عندنا: هو ما ذكر - عَزَّ وَجَلَّ -: أنه إنما أثبت التجاور في الأرض التي صارت قطعًا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ).
القطع المتجاورات: هي الأرضون الضواحي التي تصلح للزرع.
(وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ) أي: جنات متجاورات أيضًا، والجنات هي البساتين المحفوفة بالأشجار؛ فيها ألوان الثمار.
(وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ).