عن هذه الأنباء، وعن قصصهم؛ فهذا يدل أن الإيمان بجملة الأنبياء والرسل إيمان، وإن لم يعرف أنفس الأنبياء وأنفس الرسل وأساميهم؛ لأنه أخبر أنه كان غافلا عن أنبائهم، وعن قصصهم، ولا شك أنه كان مؤمنًا باللَّه مخلصًا، وباللَّه العصمة.
وقال ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أحسن القصص: كلام الرحمن.
وقال مجاهد: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ): كلام ربّ العالمين.
وقوله: (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ) يخرج على وجهين:
أحدهما: أن يكون الذي سألوا عنه رسول اللَّه عن قصة يوسف صيرورة بني إسرائيل بمصر، وقد كانوا من قبل بالشام، فقال: تلك الأنباء والقصص نجعلها آيات هذه السورة التي هي من الكتاب المبين.
أو تلك آيات حجج وبراهين لرسالة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إذ هي من أنباء الغيب عنهم، فعلم الأنباء عنها باللَّه سبحانه وتعالى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) دل قوله: (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا) إن إخوة يوسف كانوا علماء وعيون الأرض، نجومًا يقتدى بهم ويهتدى؛ إذ بالنجوم يقتدى في الأرض، وبها يهتدون الطرق والمسالك.
ودل قوله: (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) حيث - خرج على أبويه - أنه كان بهما جميع منافع الخلق؛ إذ بهما صلاح جميع الأغذية في الأرض، ونضج جميع الفواكه والأنزال، وجميع المنافع التي بالناس حاجة إلى ذلك.
ودل قوله: (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) أن الرؤيا تخرج على عين ما رأى، وتخرج على غيره بالمعنى الذي يتصل به؛ لأنه رأى الكواكب