و (كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) أي: مبين في كتابه. قيل: في اللوح المحفوظ، ويحتمل القرآن وغيره.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)
وقال في موضع آخر: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)، وقال في موضع آخر: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ)، وقال: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ)، وقال: (وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ).
يجوز أن يكون جعل للأرض يومين: يومًا لوجودها ويومًا لعدمها، وكذلك السماء جعل يومًا لوجودها ويومًا لعدمها؛ كقوله: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ. . .) الآية. وكقوله: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ)، (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ). وكذلك ما بينهما جعل يومًا لوجوده ويومًا لعدمه، فيكون يوم السابع يوم البعث يكون لكل من ذلك يومان: يوم لوجوده، ويوم لعدمه، وقد ذكرنا شيئًا في ذلك مما احتمل وسعنا في سورة الأعراف.
وفي هذه الآية دلالة أن السماوات والأرض دخلتا تحت الأوقات بقوله: (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)، إذ الأيام عند الناس إنما هي مضي الأوقات، فإذا دخلتا تحت الأوقات ليستا بأزليتين - على ما يقول بعض الملحدة إنهما أزليتانِ - كانا كذلك، واللَّه أعلم، وجائز أن يكون اليوم السابع هو اليوم الذي أنشأ الممتحن فيه، فهو المقصود في خلق ما ذكر من الأشياء، أعني من البشر، وقوله:
(وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) إن كان العرش اسم الملك والسلطان على ما قال بعض أهل التأويل، فتأويله - واللَّه أعلم - كان أظهر ملكه عن الماء " على " بمعنى " عن "