(126)

عناد ومكابرة؛ إذ قد اعتقدوا العناد ورد الحجج، فكلما ازداد لهم الحجة ازداد لهم عنادا وكفرًا.

وقال أبو بكر الأصم: إنما أضيف الزيادة إليها؛ لأنها كانت سبب الزيادة، وقد تضاف الأشياء إلى أسبابها كما تضاف إلى حقيقة الأفعال، ولكن لا يحتمل أن تكون السورة التي نزلت سببًا لزيادة الكفر، لكن الوجه فيه ما ذكرنا، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126)

قيل: يبتلون بالجهاد والغزو فيتخلفون عنه، فيظهر بذلك نفاقهم وكفرهم.

وقيل: يبتلون بالشدة والجوع فيظهر أيضًا بذلك نفاقهم؛ كقوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ).

وقيل: يفتنون في كل عام مرة أو مرتين؛ وذلك أنهم كانوا إذا خلوا تكلموا بالكفر فيما بينهم، ثم إذا أتوا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أخبرهم بما تكلموا به في الخلوة فيفتضحون بذلك، فذلك افتتانه إياهم وابتلاؤه لهم، كان يظهر بما ذكر نفاقهم: مرة في الجهاد في سبيل اللَّه، ومرة بالشدة والخوف، ومرة بما يطلع اللَّه نبيه بما يضمرون ويتكلمون به في الخلاء.

وتحتمل هذه الآية الوجوه الثلاثة: الجهاد معه، والابتلاء بالشدائد، والإفزاع.

وتحتمل إظهار الأسرار التي أسروا في أنفسهم والافتضاح مما أخفوا، لكن لو كان هذا فذلك مما يكثر منهم، أعني: كتمان النفاق وإسرار الخلاف لهم، لكن ذكر المرة والمرتين يرجع إلى الافتضاح والإظهار، فذلك يحتمل أن يكون في العام مرة أو مرتين.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ): عن نفاقهم.

(وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ): بما ابتلوا من الافتضاح وظهور النفاق منهم، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015