يتركوا العدو وراءهم؛ إلى هذا ذهب بعض أهل التأويل، وأمكن أن يكون هذا تعليمًا من اللَّه المؤمنين أمر الحرب وأسبابها، كما علمهم جميع ما يقع لهم من الحاجة إلى أسباب الحرب في غير آي من القرآن؛ من ذلك: قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا)، وقوله: (إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا) الآية، وقوله: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ. . .) الآية، وغير ذلك من الآيات.
أو يحتمل أن يكون أمر بقتال الأقرب فالأقرب منهم كسائر العبادات.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ).
يخرج على وجهين:
أحدهما: ما ذكرنا أنه يخرج على أمر القتال منه للمؤمنين.
والثاني: إنباء عن دوام الجهاد والقتال مع الأعداء أبدًا؛ لأنه كلما فتح ناحية وقومًا، صار الذين بقوا وراء هَؤُلَاءِ الذين يلونهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً).
قيل: شدة عليهم.
وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأبي: (وليجدوا عليهم غلظة)، أي: شدة، ويقرأ: (غُلْظَةً) برفع الغين، ويقرأ: (غِلْظَةً) بكسرها، وهما لغتان ومعناهما واحد.
(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
أي: من اتقى الخلاف له بالنصر لهم على عدوهم.
وقوله: (أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).