(86)

قيل: تذهب وتهلك (وَهُمْ كَافِرُونَ).

* * *

قوله تعالى: (وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (87)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ).

أي: إذا أنزلت سورة فيها (أَن آمِنُوا بِاللَّهِ)، لا أنها تنزل سورة بهذا الحرف، ولكن فيها ذكر (أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ)، وهو كقوله: (فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ)، وقوله: (أَن آمِنُوا بِاللَّهِ) بقلوبهم؛ لأنهم قد أظهروا الإيمان باللسان، وهم لم يكونوا مؤمنين باللَّه حقيقة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ).

قيل: أولو الطول: هم أهل الغنى والسعة.

وقيل: أولو الطول: أهل الفضل والشرف الذين كانوا يصدرون لآرائهم، وينظرون إلى تدبيرهم، وقد كان في أهل النفاق أهل السعة والغناء، وأهل النظر والتدبير.

وقوله - عز وبرل -: (وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ).

استأذنوا في القعود عن الجهاد - واللَّه أعلم - لما كانوا يوالون أهل الكفر سرًّا، فكرهوا القتال مع الأولياء، أو كانوا يتخلفون ويمتنعون عن الخروج إلى القتال؛ لفشلهم وبغيهم؛ لأنهم لم يكونوا يعملون لعواقب نتأمل إنما كانوا يعملون لمنافع حاضرة؛ لذلك كانوا يمتنعون عن الخروج إلى القتال، وأما أهل الإيمان: فإنهم إنما يعملون للعواقب، وكذلك أهل الكفر إنما يقاتلون أهل الإيمان إما غنيمة في العاقبة يتأملون، لكنهم كانوا يستأذنون في القعود، ويكونون مع القاعدين، يرون من أنفسهم أن لهم العذر في القعود.

ثم قوله: (ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ) يحتمل: مع القاعدين من الضعفاء والمرضى والصبيان، حتى إذا أتاهم العدو من بعد ما خرج الرجال منهم إلى قتال العدو، يقومون لدفع العدو عن هَؤُلَاءِ.

أو يكون قولهم: ذرنا نكن مع القاعدين من أهل العذر، يرون أنفسهم أنهم أهل العذر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015