وَجَدْتُمُوهُمْ) وقال: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ)، فوجب بظاهر الآية أن نقاتل من آمن ولم يقم الصلاة ولم يؤت الزكاة؛ لأن اللَّه - تعالى - إنما رفع القتل عنهم بالإيمان واقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فإذا لم يأتوا بذلك فالقتل واجب عليهم، وكذلك فعل أبو بكر الصديق لما ارتدت العرب ومنعتهم الزكاة حاربهم حتى أذعنوا بأدائها إليه.

روي عن أنس قال: لما توفي رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ارتدت العرب كافة، فقال عمر: يا أبا بكر، أتريد أن تقاتل العرب كافة؟! فقال أبو بكر: إنما قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إذا شهدوا أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأن محمدًا رسول اللَّه، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، منعوني دماءهم وأموالهم " واللَّه لو منعوني عناقا مما كانوا يعطون رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قاتلتهم عليه. قال عمر: فلما رأيت رأي أبي بكر قد شرح عرفت أنه الحق.

وفي بعض الأخبار قالوا: نشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ونصلي، ولكن لا نزكي، فمشى عمر والبدريون إلى أبي بكر، فقالوا: دعهم؛ فإنهم إذا استقر الإسلام في قلوبهم وثبت أدَّوْا، فقال: واللَّه، لو منعوني عقالا مما أخذ رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قاتلتهم عليه، قيل: أو قاتل رسول اللَّه على ثلاث: شهادة أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وقال اللَّه: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ)، واللَّه لا أسأل فوقهن ولا أقصر دونهن، فقالوا: إنا نزكي، ولكن لا ندفعها إليك، فقال: واللَّه حتى آخذها كما أخذها رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأضعها مواضعها.

وقال آخرون: قوله: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ) في قبولهم والاعتقاد بهما دون فعلهما، لما لا يحتمل حبسهم ومنعهم إلى أن يحول الحول فيؤخذون بأداء الزكاة - دل على أنه على القبول والإقرار بذلك، واستدلوا بما روي في بعض الأخبار عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها " وقالوا في بعض الأخبار: أمرت أن أقاتل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015