وقوله: (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ).
قيل: يوم فرق بين الحق والباطل؛ لأنه - عَزَّ وَجَلَّ - جعل يوم بدر آية؛ حيث غلب المؤمنون المشركين مع قلة عددهم، وضعف أبدانهم، وفقد الأسباب التي بها يحارب ويقاتل، وكثرة العدو وقوتهم، ووجود أسباب الحرب والقتال؛ ليعلموا أنهم غلبوا أُولَئِكَ وهزموهم بنصر اللَّه إياهم، فكان آية فرق المحق منهم والمبطل.
وقيل: هو يوم الفرقان، ويوم الجمع: جمع النبي والمؤمنين، وجمع المشركين، ويوم الافتراق: افتراق المشركين من المؤمنين أنهزامهم، وهو كما سمى يوم القيامة: (يَوْمَ الْجَمْعِ) في حال، ويوم الافتراق في حال أخرى، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى ... (42)
قَالَ بَعْضُهُمْ: العدوة القصوى: شفير الوادي الأقصى، والعدوة الدنيا: شفير الوادي الأدنى.
وكذلك قَالَ الْقُتَبِيُّ: العدوة: الشفير، شفير الوادي.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: العدوة: ناحية الوادي التي تليهم، وقال: إنما سميت الدنيا؛ لأنها دنت منك، والآخرة؛ لأنها استأخرت.
وقيل في حرف ابن مسعود: (إذ أنتم بالعدوة العليا وهم بالعدوة السفلى).
وقال أبو معاذ: العِدْوَة والعُدْوَة لغتان، والركب والركبان والركاب والراكبون كله لغة.
قال في حرف حفصة: (إذ أنتم بالعدوة القصيا).