وكذلك روي عن ابن عمر أن ابن عَبَّاسٍ قال: كان عمر يعطينا من الخمس نحوًا مما كان يرى أنه لنا، فرغبنا عن ذلك، وقلنا: حق ذي القربى خمس الخمس، فقال عمر: إنما جعل اللَّه الخمس لأصناف سماها، فأسعدهم بها أكثرهم عددًا وأشدهم فاقة، فأخذ ذلك ناس. وتركه ناس، وكذلك فعل عمر لما ولي الأمر؛ روي عن ابن عَبَّاسٍ قال: عرض علينا عمر أن يزوج من الخمس أيمنا، ويقضي منه مغرمنا، فأبينا عليه إلا أن يسلمه إلينا، فأبى ذلك علينا.
فدل فعل عمر على أن القرابة يعطون من الخمس قدر حاجتهم وما تسد به فاقتهم؛ إذ لو كان الخمس حقا لجميع القرابة أعطى من ذلك غنيهم وفقيرهم.
ومما يدل أيضًا على أن الخمس لو كان حقًّا لجميع القرابة غنيهم وفقيرهم؛ لقسمه رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فيهم كما قسم أربعة الأخماس بين المقاتلة؛ بل أعطى منه بعض القرابة وحرم بعضًا كما ذكرنا في جبير ابن مطعم.
ومما يدل -أيضًا- أن ذلك لأهل الحاجة منهم دون الكل: ما روي أن الفضل ابن عَبَّاسٍ وفلان دخلا على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وهو يومئذ عند زينب بنت جحش، فقال: يا رسول اللَّه، أنت أبر الناس وأوصل الناس، وقد بلغنا النكاح.