أيمنا، ويقضي منه مغرمنا، فأبينا إلا أن يسلمه إلينا، فأبى ذلك علينا.
فدل فعل عمر هذا على أن التأويل في الخمس كان عنده أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كان يصل به قرابته، ويسد بالخمس حاجتهم؛ إذ كان جعل سبيل الخمس ما ذكرنا أنه لله، بمعنى أنه يصرف في وجوه التقرب إليه، فلو كان الخمس حقًا لجميع القرابة أعطى من ذلك غنيهم وفقيرهم، وما يأخذه الأغنياء من الخمس فإنه لا يجري مجرى الصدقة، ولا يجري مجرى القرابة، فبان بذلك أنه لا يعطى منه أغنياؤهم؛ بل يصرف إلى فقرائهم على قدر حاجتهم؛ إذ لم يكن له مكاسب سواه يصل بها كما يكون لغيره من الناس من المكاسب وأنواع الحرف.
ومما يدل على أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أعطى بعض القرابة دون بعض: ما روي عن جبير بن مطعم قال: لما قسم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب، أتيت أنا وعثمان، فقلنا: يا رسول اللَّه، هَؤُلَاءِ بنو هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك اللَّه فيهم، أرأيت بني المطلب أعطيتهم ومنعتنا، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة، فقال: " إنهم لا يفارقوني في جاهلية ولا إسلام، وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد "، وشبك بين أصابعه.
وقوله: (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ. . .) إلى آخر ما ذكر، بين أن خمس الغنيمة يصرف في وجوه البرّ والقرب إلى اللَّه، ثم فسر تلك الوجوه فقال: (وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى