(39)

يصليها إذا ذكرها أو إذا استيقظ، وذلك كفارته "؛ وكذلك قوله - تعالى -: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ)، ليس على الفعل، ولكن في حق الاعتقاد أنه لا سبيل إلى القيام بفعل ما ذكر إلا بعد حول ووقت طويل.

وفي هذه الآية دلالة على أن ليس بين الشرك والإيمان منزلة ثالثة؛ على ما يقوله المعتزلة في صاحب الكبيرة؛ لأنه لو كان بين الكفر والإيمان منزلة ثالثة، لكانوا إذا انتهوا عن الكفر ولم ينتهوا عن تلك المنزلة لا يغفر لهم؛ على قولهم؛ فدل ما ذكر من المغفرة على أن ليس بينهما منزلة، ولكن إذا انتهوا عن الكفر دخلوا في الإيمان.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: (وَإِنْ يَعُودُوا) إلى الكفر وقتال مُحَمَّد بعد ما انتهوا عنه، (فَقَدْ مَضَت. . .)، يعني: القتال.

ويحتمل أن يكون قوله: (يَعُودُوا) أي: ما داموا فيه، لا أن كانوا خرجوا منه؛ نحو قوله - تعالى -: (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)، كانوا فيه، لا أن كانوا خرجوا منه ثم دخلوا في غير ذلك.

ثم يحتمل وجهين بعد هذا:

أحدهما: أن للكفر حكم التجدد في كل وقت.

والثاني: ما ذكرنا أن ذكر العود فيه لدوامهم فيه وإن لم يخرجوا منه، وذلك جائز في اللسان؛ كقوله: (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) ابتداء إخراج من غير أن كانوا فيه، وكقوله: (رَفَعَ السَّمَاوَاتِ) ابتداء رفع، لا أن كانت موضوعة فرفعها من بعد؛ فعلى ذلك قوله: (وَإِنْ يَعُودُوا) يحتمل: أي: داموا فيه.

وقوله: (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ).

مضت، يحتمل ما ذكرنا من القتال.

والثاني: سنة الأولين: الهلاك الذي كان.

وقوله: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015