ويحتمل أن يكون قوله: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ) أي: أخبر المؤمنين أني معكم بما ذكرنا من النصر والمعونة والدفع.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا).

أمر ملائكته أن يثبتوا الذين آمنوا بالنصر لهم والأمن، بعد ما كانوا خائفين فشلين جبنين لما أجابوا ربهم، مع ضعف أبدانهم، وقلة عددهم، فأبدلهم اللَّه مكان الخوف لهم أمنًا، ومكان الضعف القوة والنصر، ومكان الذل العز، وأبدل المشركين مكان الأمن لهم خوفًا، ومكان العز الذل، ومكان الكثرة الضعف والفشل؛ فذلك - واللَّه أعلم - قوله: (سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ).

وقوله: (فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا).

جائز أن يكون نفس نزول الملائكة تثبيتهم؛ لأنهم سبب تثبيتهم، أو ثبتهم من غير أن علم المؤمنون بهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ).

قال قائلون: قوله: (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ) إذا ظفروا بهم ووقعوا في أيديهم، فعند ذلك يضرب فوق الأعناق، وهو الفصل الذي يبين الرأس بالضرب؛ لما نهى عن المثلة، وفي الضرب في غير ذلك مثلة.

ويحتمل قوله: (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ)، أي: اضربوا الأعناق وما فوق الأعناق.

(وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) معناه - واللَّه أعلم - أي: اضربوا على ما تهيأ لكم من الأطراف وغيرها.

وأما قوله: (وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) في الحرب؛ لأنه لا سبيل في الحرب إلى أن يضرب ضربًا لا يكون مثلة؛ فكأنه قال: فاضربوا فوق الأعناق إذا قدرتم عليهم ووقعوا في أيديكم، (وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) كيفما تقدرون، وحيثما تقدرون، واللَّه أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015