وقوله: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) ذكر في بعض القصة أن المشركين سبقوا فأخذوا الماء؛ فبقي المسلمون في رمل لا تثبت أقدامهم عطشى، فوسوس إليهم الشيطان أنهم لو كانوا على حق ما بلوا يمثل ذلك في رمل لا تثبت أقدامهم عطشى؛ فأبدل اللَّه مكان الخوف أمنًا يأمنون به، وأنزل عليهم من السماء ماء ليطهرهم به ويشربون ويشدد به الرمل وتثبت أقدامهم، فذلك قوله: (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ) قال أهل التأويل: الرجز: وسوسة الشيطان التي وسوس إليهم.
وقيل: الرجز: الإثم؛ أذهب ذلك عنهم؛ كقوله: (رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) ذكر هذا - واللَّه أعلم - على المبالغة في المنة أنه أخبر أنه أنزل من السماء ماء فضل عن حوائجهم حتى وجدوا ماء لتطهير أنفسهم وأبدانهم، وأذهب عنهم رجز الشيطان؛ ذكر السبب الذي به يذهب الرجز؛ لأن الرجز هو العذاب، فذكر الرجز والمراد منه سبب الرجز.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ).
يحتمل: حقيقة تثبيت الأقدام.
ويحتمل: الثبات على ما هم عليه.
والربط: هو الشد لشيء، فيحتمل قوله: (وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ) أي شدها حتى لا