في إيمانهم، كما وصفهم في آية أخرى؛ حيث قال: (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى)، وكانوا إذا أنفقوا أنفقوا كارهين، وكانوا لا يذكرون اللَّه إلا قليلًا مراءاة للناس، وأما المؤمنون فهم الذين يقومون بوفاء ذلك كله حقيقة، فيظهر صدقهم بذلك، وهو ما وصفهم به في آية أخرى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ).
ويحتمل أن يكون على الاعتقاد خاصة، ليس على نفس العمل؛ كأنه قال: إنما المؤمنون الذين اعتقدوا في إيمانهم ما ذكر من وجل القلوب والخشية عند ارتكاب المعصية، والتقصير عن القيام بما عليه، وما يرتكب المؤمن من المعاصي إنما يرتكب عن جهالة ثم يتوب عن قريب؛ كقوله: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ)، يرتكب ذلك إما لغلبة شهوة، أو يعتقد التوبة من بعده، أو يرجو رحمة اللَّه وفضله في العفو عن ذلك، فيكون قوله: إنما المؤمنون الذين اعتقدوا لإيمانهم ما ذكر من الأفعال؛ وهو كقوله: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ)، هو على الاعتقاد والقبول له: أنهم إذا اعتقدوا ذلك وقبلوا، يخلى سبيلهم وإن لم يقيموا الصلاة وما ذكر وكذلك الأول يحتمل ذلك.