بدر أصبت سيفًا، فأتيت به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فقلت: نفلنيه، فقال: " ضعه ثم أقام، "، فقلت: يا نبي اللَّه، نفلنيه أجعل كمن لا عمل له؟! فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " ضعه من حيث أخذته "، فنزلت هذه الآية: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ).

ثم قال سعد: دعاني رسول اللَّه فقال: " اذهب فخذ سيفك " فدل حديث سعد أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لم ينفل قبل الحرب أحدًا شيئًا منه مما لا يأخذه؛ لأنه لو كان نفلهم لم يمنع سعدًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - السيف الذي جاء به، ويدل على أن النبي لم يؤمر في الغنيمة بشيء حتى نزلت آية النفل، فرد اللَّه الأمر في الغنيمة إلى رسوله، فأطلق له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لما رد الأمر إليه.

ويجوز أن يكون النبي لم ينفل أحدًا قبل الحرب شيئًا، ولكنه كان ينفل مما يؤتى به من يشاء ممن قتل بغير إيجاب متقدم؛ يبين ذلك قول سعد: أجعل كمن لا عمل له؟!

وحديث عبادة يخبر أن النبي نفل ما يأخذون من أهل الحرب قبل أن يأخذوه، وهذا موضع الاختلاف بين الحديثين، والظاهر من ذلك أن الفعل قد كان وقع في الغنائم؛ لأن اللَّه قد سماها أنفالًا قبل أن يحلها، فلولا أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كان نفلهم إياها قبل الحرب أو بعدها، لم يسمها اللَّه أنفالًا، واللَّه أعلم.

وفي حديث عبادة أن قوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) نزل بعد ذكر النفل، وأنه الحكم الناسخ الثابت، وكذلك قول ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015