فإن قال: لا.
قيل: ففي إسقاطك تلك القراءة عنه في حال الجهر ما أوجب عليك أن تسقطها عنه في حال المخافتة.
وقد احتج بعض أصحابنا في ذلك بأن قالوا: وجدنا الرجل إذا جاء إلى الإمام وهو راكع فكبر ودخل في صلاته ولم يقرأ، فكل يجمع أن صلاته تجزئه، فدل ذلك أن القراءة غير فرض عليه.
فإن قال: إنما أطلق له ذلك للضرورة.
قيل: لو جاء إلى الإمام وهو ساجد، لم يعتد بتلك الركعة والضرورة قائمة، فلو كانت الضرورة تزيل فرضا لأزالت الركوع عمن لحق إمامه وهو ساجد، فهي لا تزيل فرض القراءة عمن لحق إمامه، ولكن لا يلزمه القراءة خلف الإمام؛ فلذلك أجزأته صلاته لا للضرورة التي ذكرت، واللَّه أعلم.
وقد روي عن جماعة من الصحابة أنهم قالوا: لا قراءة على من خلف الإمام، منهم: علي، وابن مسعود، وجابر، وسعد، وأبو سعيد، وابن عمر، وابن عَبَّاسٍ، وزيد بن ثابت، رضي اللَّه عنهم.
أما عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة.
وعن عبد اللَّه قال: من قرأ خلف الإمام ملئ فوه ترابًا.
وعن زيد بن ثابت قال: من قرأ خلف الإمام فلا صلاة له.
وعن سعد قال: وددت أن الذي يقرأ خلف الإمام في فمه جمرة.
وعن ابن عمر كان إذا سئل: هل يقرأ أحد خلف الإمام؟ قال: لا، فإذا صلى أحدكم وحده فليقرأ.