تسوية ذلك بالآية لابد من زيادات تلحق بها أو تخرج عنها، وإلا لا يخرج من ذلك عن أن يقول: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ) أن يجعل " مِن " صلة؛ كأنه قال: وإذ أخذ ربك من بني آدم، وقد تكون كقوله: (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ).
وبنو آدم يؤخذ من ظهر آدم كما يؤخذ ابن كل من ظهورهم، أي: أصل ابن كل من ظهره، وذكر ظهورهم؛ لما كان منسوبًا إليهم، وإن كان لو طرح حرف الصلة تزول الشبه، فحفظ في ذكرهم حق الوصل وإن كان حقه الإسقاط؛ كقوله: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ. . .) الآية، وغير ذلك مما كنى عن أهل القرية باسمها، وعلى ذلك أجري ذكر الفعل وإن لم يكن لها في الحقيقة فعل؛ فعلى ذلك هذا، فيصير في التحصيل كأنه قال: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهره، ثم يكون المأخوذ الذي عرض عليه مجعولًا على حد يعقل الخطاب، ومعنى قوله: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) فأجاب بالذي ذكر.
والخبر الذي فيه القسمة إما أن كان لا في هذا فوصل به، أو كان في الآية ذكر إجابة أحد الفريقين، أو كان بين الجميع اتفاق في هذا الحرف واختلاف فيما جاوز هذا، فالقسمة لما عداه، وقد يوجد في هذا القدر -أيضًا- اتفاق.
ثم قوله: (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ).
على إضمار بعث الرسل وإنزال الكتاب بالإخبار عن ذلك؛ لئلا يدعوا الغفلة بما كانت منهم ذلك بما أوقظوا ونبهوا، أو بما لا يحتجون بما اعترضهم من الغفلة؛ إذ قد قطع عذرهم بغير ذلك من الأدلة والرسل، واللَّه أعلم.
أو لا يقولوا: (إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ) أي: بعث الرسل، وإنزال الكتب لقطع هذا النوع من الشبه على الوجهين اللذين ذكرت؛ كقوله: (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ. . .) الآية، وقوله: (وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ. . . .) الآية وقوله: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ. . .) الآية، ويكون في التأويل الأول ظهور أمر الذرية للأولاد في الخروج عن تدبير الآباء والأمهات لقطع