(157)

ومعلوم أنه لم يرد به زكاة المال، ولكن زكاة النفس بالتوحيد والتقوى، وكذلك قوله: (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)، هو تلك الزكاة لا الزكاة المعروفة زكاة المال؛ فعلى ذلك الأول، واللَّه أعلم.

وإن كان على الزكاة المعروفة فذلك في قوم ثقل عليهم واشتد إخراج الزكاة من أموالهم؛ كقوله: (الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ. . .) كذا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ).

قد ذكرنا في غير موضع أن من آمن بآيات اللَّه وصدقها فقد آمن باللَّه وبرسله، ومن كذب بآياته كذب باللَّه وخالف رسله؛ لأن طريق معرفة اللَّه ورسله إنما هو من طريق الآيات والحجج، ليس من طريق المشاهدات والمحسوسات؛ لذلك كان الإيمان بالآيات إيمانًا باللَّه وبرسله، والتكذيب بها كفر باللَّه ورسله.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ... (157)

أي: يقفون أثر الرسول في كل سيرته، وفي كل أمره ونهيه، ويطيعونه؛ سماه رسولا ونبيًّا بقوله: (الرَّسُولَ النَّبِيَّ) والرسول: المبعوث على تبليغ الرسالة والمأمور بها على كل حال، والنبي: المنبئ لهم أشياء عند السؤال والاستخبار، والرسول هو المأمور بالتبليغ سألوه أو لم يسألوا شاءوا أو أبوا، وكان لمُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كلاهما: الإنباء والتبليغ؛ كقوله: (مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)، وقوله: (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا).

الأمي: ما ذكر في آية أخرى، وهو قوله: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ. . .) الآية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015