قال الحسن: آيَاتِيَ: ديني، وتأويله ما ذكرنا أنهم إذا بلغوا ذلك الحد صرفهم عنها.
وقال غيره: آياته: حججه وبراهينه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ).
كانوا يتكبرون هم على الرسل لما لم يروهم أمثالًا لأنفسهم وأشكالًا، وهكذا كل من تكبر على آخر يتكبر لما لم يره مثالًا لنفسه ولا شكلًا، أو يتكبر لما يرى نفسه سليمة عن العيوب، ويرى في غيره عيوبًا، أو يرى لنفسه حقوقًا عليه فيتكبر، فإذا كان التكبر لهذا، فالخلق كلهم أكفاء بعضهم لبعض؛ لأنهم أمثال وأشكال، وفيهم العيوب والحاجات، فلا يسع لأحد التكبر على أحد، وإنما التكبر لله تعالى، فله يليق لما لا مثل له ولا شكل، منزه عن العيوب كلها والحاجات؛ لذلك كان هو الموصوف بالكبرياء والعظمة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بِغَيْرِ الْحَقِّ)، أي: ليسوا هم بأهل الكبر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا) أمكن أن يكون قوله: (يَرَوْا)، أي: إن علموا أنه آية لا يؤمنون به أبدًا، هذا في قوم علم اللَّه أنهم لا يؤمنون أبدًا.
(وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا).
أي: وإن علموا أنه سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلًا ولا يتبعوه؛ مخافة أن تذهب بأسهم ومكانتهم (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا) أي: وإن علموا، أن ذلك هو سبيل الغى والباطل يتخذوه سبيلًا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا).
يحتمل قوله: (ذَلِكَ) الصرف الذي ذكر عن آياته لما كذبوا الآيات بعد علمهم أنها آيات من اللَّه، (وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) غفلة الإعراض والعناد لا غفلة الجهل والسهو.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ ... (147)
أي: الذين كذبوا بالآيات والبعث بعد الموت.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ).
يحتمل هذا وجهين: