على موسى في طور سيناء، وظهر على عيسى في جبل ساعور، واطلع على مُحَمَّد في جبل فاران، ثم العجب أن كيف اجترأ موسى بالسؤال بسؤال مثله؟! (أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ)، لكنه يحتمل وجوهًا:

أحدها: على الأمر بالسؤال على ذلك؛ ليعلم أنه يرى، ويعتقدوا ذلك.

أو على الظن منه لما رأى أنه أعطاه أشياء لا يكون مثلها في الدنيا إنما يكون في الآخرة، خص بها؛ من نحو انفجار العيون من الحجر من غير مؤنة تكون لهم في ذلك من حفر الأنهار وإصلاحها وأنواع المؤن، ونحو ما أعطاهم من اللباس الذي ينمو ويزداد على قدر قامتهم وطولهم، ومن نحو ما أعطاهم من المن والسلوى على غير مؤنة ولا جهد، وذلك كله وصف الجنة، فلما رأى ذلك ظن أن الرؤية -أيضًا- تكون في الدنيا على ما كان له من أشياء لم يكن مثلها لأحد في الدنيا، أو لما رأى أنه سمع كلام ربه، وألقى على مسامعه كلامه لا من مكان، ولا من قريب، ولا من بعيد، ولا من أسفل، ولا من أعلى، ولا من فوق، ولا من تحت، لكنه سمعه بما شاء، وكيف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015